سماح بني داود: ما كان هناك فرق بالنسبة لي بين طبع ديواني بتونس او الجزائر لأنني حريصة على رفع الحدود

سماح بني داود فنانة تشكيلية وكاتبة تونسية، استطاعت أن تجمع على ورقة واحدة قوة الكلمة وسحر الفرشاة وألوانها فكان ديوان نار حطبها ثلج تلك السمفونية الابداعية التي تنتفض على سطورها نار الشوق والحنين داخل كتلة مثلجة من الأحاسيس كما يذوب ثلج الوحدة و الكآبة والغدر وسط فوهة نيران العشق الحقيقي .. على حد تعبير الكاتبة
موقع أخبار360 يعرض في حوار مشوق مع الكاتبة المبدعة بداية مشوارها الأدبي كما ستتحدث عن ديوانها المشارك في فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالجزائر....
-تكتب الشعر النثري، القصة والرواية، متى بدأ يتشكل مشروع الكاتبة لدى سماح بني داود، وبما إتسمت بداية هذا المشوار؟
قد تعتري حياتنا صدف تغير اتجاهاتنا الفكرية او الادبية.. قد تكون صدفة رمت بي داخل عالم الكتابة بعد ان انتشلني القلم من الفرشاة ..كان تخصصي اثناء الدراسة الثانوية أدبي فنجحت بتفوق باكالوريا اداب ثم دخلت المعهد العالي للفنون الجميلة اختصاص تصميم مما صقل موهبة الرسم عندي خلق مني فنانة تشكيلية بعد سنوات قليلة من تخرجي ..حتى وصلت لوحاتي الى بعض الشعراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي مصحوبة ببعض النصوص التي كنت اراها جملا وكان الشعراء يرونها ومضات من الشعر دفعت بأحدهم الى اتخاذ خطوة جديدة من اجلي فخاطبني عبر الهاتف معبرا عن موهبة خلقت داخلي تحتاج الكشف عن تفاصيلها واكد لي من خلال قوله ان وراء قلمي هناك مستقبل لكاتبة تونسية ..طلب مني حمل القلم و الغوص في الكتابة ففعلت ..وبالمناسبة اتقدم له بالشكر الشاعر التونسي الكبير احمد الشايب الملقب ب "شعريار" من صفاقس عاصمة الثقافة ..من هنا بدأ مشواري مع القلم الذي نقل عني احاسيسي مشاعري الى دفتر عج بالكلمات و المعاني صارخا في وجه المعهود بداياتي اتسمت بالتشجيع من شعراء وشاعرات ابناء بلدي وفي مقدمتهم الاستاذ عبد الوهاب الملوح الذي آمن بحرفي وقال لي ذات حوار "انت شاعرة حقيقية ..منشوراتك خير دليل فاكتبي ولا تتراجعي " نشرت لي نصوص كثيرة بمجلات وصحف ورقية والكترونية تونسية ،جزائرية ،عراقية و مصرية حتى تجمع على دفتري عدد من النصوص شجعني على نشر كتاب سميته ومنذ البداية "نار حطبها ثلج " -لم تعد الساحة الأدبية اليوم حكرا على الرجال فقط، بل نافسته فيها أسماء نسائية لامعة ماهي اللمسة التي أضفينها على هذا المجال؟
الساحة الأدبية العربية تعج بالشعراء مقابل نقص غير متوازن بالادب النسوي ويتجلى هذا واضحا في تونس اذا قارناه بما وجد في الشرق العربي .. حسب ما أرى ككاتبة تونسية ان الادب النسوي بتونس له حضور بارز في المدونة الادبية التونسية فلا احد ينكر وجود أسماء استطاعت ان تفتك مكانتها في الساحة الادبية التونسية والعربية كعروسية النالوتي و جميلة الماجري وغيرهن كثيرات من مختلف الاجيال ..لكن هؤلاء ورغم التطور الهائل في تجاربهم الادبية بقيت صورة المرأة لديهن غالبا نمطية هذا وقد شهدت الساحة منذ الثورة تطورا مهولا في عدد الاصدارات سنويا و كان كتابي من بينها محاولة اضفاء نفس ليس جديد بقدر ما هو مختلف فرسمت صورا تتدحرج ولو نسبيا بالمراة من الارتهان والضعف لتفك قيدها بعد ان كانت رهينة الاخر سواء كان هذا الاخير الرجل ام المجتمع ام التقاليد ..واتمنى ان اكون قد وفقت في نقل خفايا تلك العلاقة التي تجمع المرأة بمن يرتقي بجسدها من مجرد جثة الى كتلة متحركة من المشاعر التي يحق لها التعبير عنها كما الرجل دون قيد - إلا أن نصوص المرأة المغرقة في العاطفة تجعلها محل إنتقاد وأحيانا تنكر لأعمالها، ما ردك
نعم ،نحن بمجتمع عربي ناقد لكل تحركات المرأة الفكرية والادبية وخاصة منها الغارقة في العاطفة حتى ان الغوص فيها يعتبر من المحرمات في بعض المجتمعات وخاصة من طرف القارئ العادي الذي يطلع على النص بطريقة سطحية دون فرك معانيه وكشف ما وراءه من رسائل محملة بمضامين مختلفة من القضايا الانسانية التي تعيشها المراة ولا تستطيع التعبير عنها وهنا يكمن دور المرأة الشاعرة التي اصبح من واجبها التعبير وكشف ما صعب على غيرها من النساء كشفه - جولتي مع بعض قصائدك، كشفت لي عن بساطة لغوية مع ذكاء وبراعة في الأسلوب وقدرة فائقة على ترويض الكلمة، ما الذي يضيفه هذا الأسلوب الى النص الأدبي بإختلاف جنسه؟
الحقيقة قاموس اللغة العربية وما فيه من أبجدية عميقة خلق لنا طريقا لا متناهي من الكلمات المحملة بمعاني التي يمكننا تناولها مع إعادة رتق المعنى فيها بتشابكها ظاهرا و تلاحمها باطنا ..لقد اخذت منها ما سد جوع المعاني في نصوصي فأنتج اسلوبا مختلفا يتدحرج من السائد الى الصادم ومن المعهود الى المدهش بنفس استفزازي المتلقي لنصي ويجعله في حالة استنفار ..
القارئ العربي عامة و في اغلب عناصره غير متصالح مع لغة الجسد التي طغت على اغلب نصوصي وفي هذا السياق يقول الاستاذ عبد الوهاب الملوح في مقدمة الكتاب:"تحتاج بعض نصوصها ان تدرس في مضمار فلسفة الجسد وما احوج شبابنا اليوم الى مثل هذه المقاربات ليتصالحوا مع ذواتهم "
- بالإضافة الى كونك شاعرة، سماح أيضا فنانة تشكيلية، هل نلمس ذلك الدمج بين بين الروح الشعرية والتشكيلية على ورقة واحدة؟
كوني فنانة تشكيلية فارة الى عالم الكتابة جعل من نصوصي تبدو في اغلبها لوحات تراءت للقارئ مشاهد من الفن التشكليلي بين حروف النصوص وهذا ما قاله الشاعر المصري أحمد قنديل في قرائته النقدية للكتاب:" كثيرا من نصوص سماح بني داود يمكن لرسام ان يستعيدها لوحة تشكيلية متوفرة الالوان و الخطوط والظلال و الحس الفني الوجداني " - كيف يكون الثلج حطبا للنار؟ عن ماذا عبرت سماح بني داود في هذا الديوان؟
لم يكن عنوان الديوان "نار حطبها ثلج "اعتباطيا بل كان محاكاة لمحتواه الذي ما انفك يتراقص بين متناقضات الحياة التي تتداخل وتتشابك لتكتمل الصورة ؛النار منذ عصور خلت كانت وسيلة تعبيرية يتخذها الشاعر العاشق للتعبير عما يتزاحم داخله من مشاعر التحمت بالحرارة والحرقة ،أما الثلج فرغم البرد الساكن فيه الا أنه يتصف بنفس الحرارة لو امسكنا به لوقت مطول ..
ثنائية غريبة متعددة المعاني؛ النار والثلج يتشابهان و يتناقضان على نفس الجسر من المعاني تنتفض نار الشوق والحنين داخل كتلة مثلجة من الأحاسيس كما يذوب ثلج الوحدة و الكآبة والغدر وسط فوهة نيران العشق الحقيقي ..
-يقول الأديب المصري احمد قنديل في قرائته لديوان نار حطبها الثلج: " سماح بني داود تعلن عصيانها للسائد الحرفي" ما الذي ترفضينه في القصيدة العربية؟
ليس رفضا ،فانا لا ارفض القصيدة العربية التي تعلمت منها الكثير واكتسبت منها من الحب ما جعلني أكتب ..ولا اعتقد ان الاستاذ أحمد قنديل يقصد بقوله ذاك رفضا مني للقصيدة العربية ..إنما هو تمرد على الحرف الذي تمرد عليه شعراء عرب قبلي - تجلت نوع من الجرأة التي وصفت بالملتزمة في عملك، كيف تتوقعين رد القارئ عليها؟
لم تكن توقعاتي سلبية وانا التي تثق بما زخ قلمها من حرف ..قد لا تروق كتاباتي للبعض لما فيها من جرأة ولكن اثق انها ستكون محطة يقف عندها عشاق الحرف وما وراء الحرف .. الحقيقة اني تفاجأت بقراءات عديدة لديواني اسعدتني كثيرا و اسعدني ايضا انتشارها بصحف عربية عديدة فتفاعل القارئ دليل صريح على تأثير النص فيه . - ما سبب تأخرك على دخول عالم النشر؟
الحقيقة لا اعتبر نفسي متاخرة على دخول عالم النشر لاسيما وان الانطلاقة في مجال الكتابة كانت قبل سنة ونصف فقط ..وان كان هناك تأخر فانا ارجحه الى اكتشاف موهبة الكتابة عندي وليس الى دخول عالم النشر - هل ترجمت سماح حبها للجزائر بإختيارها لإحتضان باكورة أعمالها؟
حبي للحزائر ليس جديدا إنما هو شعور خلق معي ..من جدي الجزائري و أخوالي أصيلي منطقة تبسة الجزائرية ..وما كان هناك فرق بالنسبة لي بين طبع ديواني بتونس او الجزائر لأنني حريصة على رفع الحدود - ماهو الانطباع الذي تركته لك تجربة التعامل مع دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع؟
تجربتي مع دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع كانت ناجحة وأعتبر نفسي محظوظة بطبع كتابي فيها وبهذه المناسبة أتقدم اليها بجزيل الشكر مع تمنياتي بمزيد النجاح كما لا يفوتني ان ارسم جميع علامات التقدير والاحترام على جبين الأستاذ الفاضل الذي اعتز جدا بصداقته الروائي المبدع مسؤول النشر بالدار مصطفى بوغازي الذي ما تأخر يوما على التواصل من أجل إنجاح عملية الطبع والنشر وإيصال نسخي المطبوعة الى بلدي تونس بكل أمانة

- إستلمت دعوة من الدار لحضور فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالجزائر، كيف تجري تحضيراتك لحضور هذا العرس الثقافي؟
صحيح لقد تلقيت دعوة رسمية من دار الماهر لحضور المعرض الدولي للكتاب بالجزائر وإن سمحت لي ظروف عملي سأكون حاضرة ،غير ذلك اتمنى التوفيق للجميع - أخيرا،هل تحمل أجندة أعمالك مفاجآة أدبية أخرى؟ وهل سيكون للرواية نصيب فيها؟
نعم بدأت قبل مدة خوض تجارب أدبية جديدة في اجناس مختلفة فكتبت في القصة و انتقلت للرواية فانهيتها ..يفوق عدد كلماتها الخمس وعشرية ألف كلمة تنقل مراحل زمنية مرت بها الأراضي التونسية والجزائرية من عهد الاستعمار الفرنسي الى زمن ما بعد الثورة ..فيها تاكيد مني كروائية على فك القيود بين توأمين و زرع اللحمة بضم اللام بين شعبين تعانقا ساعة الحرب ووقت السلام ...مع نفحات من الحب بين شخصيات لا تفترق الا لتتلاقى...

حــــــــاورتها: كبير ايناس

سماح بني داود: ما كان هناك فرق بالنسبة لي بين طبع ديواني بتونس او الجزائر لأنني حريصة على رفع الحدود Reviewed by akhbar 360 on 9:41 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.