الشاوية ثقافة تحتضر



الشاوية هي أقلية في الجزائر تحتكر حيز جغرافي من عدة ولايات وسطية  وشرقية على غرار أم البواقي و خنشلة وولايات أخرى، الا أن هذه الأقليات لم تعد تحافظ على تاريخه الممتد منذ آلاف السنين و أصبحت اليوم تعاني من اختراقات فكرية تهدد بانقراض عادات و تقاليد الشاوية.
من الصّعب جدّا أن نحدد للثقافة الشّاوية، كجوهر لا كتسمية، مجالا أو نطاقَ بدايةٍ في الزّمن، فالوعاء البشري المحتوي لهذه الثقافة هو واحد من أقدم الكيانات المكوّنة للشمال الإفريقي بمسّماه الماسيلي أو النوميدي أو الشّاوي أو الآمازيغي، في إطار جغرافي متّسع متنوّع، بين بيئة جبلية، وسهليّة، وصحراويّة، وحضريّة  قديمة وحديثة حاضن لعدد كبير جدّا من الشّواهد الحضارية بدءا بالثقافة العاترية (مهد الإنسان العاتري) مرورا بمختلف الثقافات/الحضارات المعروفة للعامّ والخاصّ اليوم، و تعتبر قي هذا العصر المعلوماتي غياب التدوين و التشهير بالثقافة الشاوية واحد من أعتى المخاطر التي تهدد اضمحلال هذه الثقافة في ظل التسارع الثقافي و الاصطدام الحضاري للشعب الشاوي و تبنيه مفاهيم غير مغايرة لكبار القوم من الشاويين، و قد حاولت مجموعة من النشطاء القيام بعدة محاولات للترويج لثقافتهم الا أن عدم  بروزها للسطح لم يحدث أثر.
على صعيد آخر، فإنّ اللغة الشّاوية الآمازيغية، تواجه اليوم تحدّيا حقيقيّا، خاصّة في ظلّ انتشار وسيطرة الصورة النمطية التي ساهمت المنظومة الإعلامية، والتعليمية، والمجتمعية في الترويج لها وتأكيدها والتي مفادها أنّ “النّاطق بالشّاوية بدوي/قروي في مقابل أنّ الناطق بالدارجة حضري، وهي صورة ساهم الكثير من النّاطقين بالشّاوية في التّرويج لها، بفعل كمّ احتقار الذّات الهائل الذي حقنت به أجيال متعاقبة، كما أن فئات الشباب لم تعد تلتمس للثقافة الشاوية هوية لهم كونهم عزفوا عن تنشيط العادات و التقاليد التي هي متجذرة في الوسط الشاوي.
وفي ظل غياب أي حلول حقيقية ذات أثر واضح يمكن أن تحافظ على ثقافة الشاويين فإنها تتجه نحو الزوال.
                                                                                                                    بقلم: عبد الحكيم فنور
الشاوية ثقافة تحتضر Reviewed by akhbar 360 on 6:41 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.